فصل: السنة العاشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة خمس وسبعين وثلاثمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة العاشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة خمس وسبعين وثلاثمائة

فيها توفي أحمد بن الحسين بن علي الحافظ أبو زرعة الرازي الصغير كان إمامًا طاف البلاد في طلب الحديث وجالس الحفاظ وصنف التراجم والأبواب وكان متقنًا صدوقًا فقد بطريق مكة في هذه السنة‏.‏

وفيها توفي الحسين بن علي بن محمد بن يحيى الحافظ أبو أحمد النيسابوري ويقال له حسينك مولده سنة ثلاث وتسعين ومائتين ومات بنيسابور في شهر ربيع الآخر وكان ثقة جليلًا مأمونًا حجة‏.‏

وفيها توفي محمد بن عبد الله بن محمد أبو بكر التميمي الأبهري الفقيه المالكي ولد سنة تسع وثمانين ومائتين وصنف التصانيف الحسان في مذهبه وانتهت إليه رياسة المالكية في زمانه‏.‏

وفيها توفي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران أبو مسلم البغدادي الحافظ الثقة العابد العارف رحل إلى البلاد وأقام بسمرقند وجمع المسند وكان يعد من الزهاد‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن علي بن عبيد الله أبو القاسم الواردي البصري القاضي شيخ أهل الظاهر في عصره سمع الكثير وحدث وكان موصوفًا بالفضل وحسن السيرة وولي القضاء بعدة بلاد وحسنت سيرته‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو زرعة الرازي الصغير أحمد بن الحسين الحافظ وأبو علي الحسين بن علي التميمي حسينك والحسين بن محمد بن عبيد أبو عبد الله العسكري الدقاق في شوال وأبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران البغدادي الحافظ الزاهد وأبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله الداركي شيخ الشافعية ببغداد وأبو القاسم عبد العزيز بن جعفر الخرقي وعمر بن محمد بن علي أبو حفص الزيات ومحمد بن عبد الله بن محمد القاضي أبو بكر الأبهري شيخ المالكية بالعراق ويوسف بن القاسم القاضي أبو بكر الميانجي‏.‏

الماء القديم أربع أذرع واثنتان وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وعشر أصابع‏.‏

السنة الحادية عشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة ست وسبعين وثلاثمائة‏.‏

فيها استقر الأمر على الطاعة لشرف الدولة بن عضد الدولة وتحالف الإخوة الثلاثة أولاد عضد الدولة وتعاقدوا ومضمون ما كتب بينهم‏:‏ هذا ما اتفق عليه وتعاهد وتعاقد شرف الدولة أبو الفوارس وصمصام الدولة وأبو النصر أبناء عضد الدولة بن ركن الدولة اتفقوا على طاعة أمير المؤمنين الطائع لله ولشرف الدولة بن عضد الدولة وذكر ما جرت به العادة وكان ذلك بعد أمور وقعت بين صمصام الدولة وبين أخيه شرف الدولة المذكور حتى أذعن له صمصام الدولة‏.‏

وفيها توفي أبو القاسم المظفر بن علي الملقب بالموفق أمير البطيحة وولي بعده أبو الحسن علي بن نصر بعهد منه‏.‏

فبعث ابن نصر هذا لشرف الدولة يبذل الطاعة وسأل الخلع والتقليد فأجيب إلى ذلك ولقب مهذب الدولة فسار بالناس أحسن سيرة‏.‏

وفيها توفي الحكم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الأموي المغربي أمير الأندلس‏.‏

ولي مملكة الأندلس بعد وفاة أبيه يوم مات سنة خمسين وثلاثمائة وكنيته أبو العاصي ولقبه المستنصر بالله وأقام واليًا على الأندلس خمسًا وعشرين سنة ومات في صفر‏.‏

وأمه أم ولد يقال لها مرجان‏.‏

وتولى بعده ولده هشام بن الحكم وكان مشكور السيرة‏.‏

وهو الذي كتب إليه العزيز صاحب الترجمة من مصر يهجوه وقد ذكرنا ذلك في أول ترجمة العزيزة فرد المستنصر هذا جواب العزيز وكتب في أول كتابه قصيدة أولها‏:‏ ألسنا بني مروان كيف تقلبت بنا الحال أو دارت علينا الدوائر إلى أن قال‏:‏ إذا ولد المولود منا تهللت له الأرض واهتزت إليه المنابر ثم قال‏:‏ وبعد فقد عرفتنا فهجوتنا ولو عرفناك لهجوناك‏.‏

والسلام‏.‏

وفيها توفي محمد بن أحمد بن حمدان بن علي بن عبد الله بن سنان أبو عمرو الحيري الزاهد صحب جماعة من الزهاد وكان عالمًا بالقراءات والنحو وكان متعبدًا مات ببغداد في ذي القعدة‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق المستملي ببلخ طوف وخرج المعجم وأبو سعيد الحسن بن جعفر السمسار الخرقي وأبو الحسن علي بن الحسن بن علي القاضي الجراحي الضعيف وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن البكائي‏.‏

وأبو القاسم عمر بن محمد بن سبنك وقسام الحارثي الغالب على دمشق قبض عليه في هذه السنة وأبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري في ذ القعدة عن ثلاث وتسعين سنة وأبو بكر محمد بن عبد الله بن عبد العزيز الرازي الواعظ‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وإحدى وعشرون إصبعًا‏.‏

السنة الثانية عشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة‏.‏

فيها توفيت والدة شرف الدولة فجاءه الخليفة الطائع لله معزيًا‏.‏

وفيها في شعبان ولد لشرف الدولة بن عضد الدولة ولدان توأمان فكنى أحدهما أبا حرب وسماه سلار والثاني أبا منصور وسماه فناخسرو‏.‏

وفيها ولى العزيز صاحب الترجمة بكتكين التركي إمرة دمشق وندبه لقتال قسام حسب ما تقدم ذكره‏.‏

وفيها توفي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبو علي الفارسي النحوي الإمام المشهور ولد ببلدة فسا وقدم بغداد وسمع الحديث وبرع في علم النحو وانفرد به وقصده الناس من الأقطار وعلت منزلته في العربية وصنف فيها كتبًا كثيرة لم يسبق إلى مثلها حتى اشتهر ذكره في الآفاق وتقدم عند عضد الدولة حتى قال عضد الدولة‏:‏ أنا غلام أبي علي في النحو‏.‏

ومن تصانيف أبي علي‏:‏ الإيضاح والتكملة وكتاب الحجة في القراءات ومات ببغداد في شهر ربيع الأول عن نيف وتسعين سنة‏.‏

وفيها كان قد هيأ العزيز صاحب مصر عدة شواني لغزو الروم فاحترقت مراكبه فآتهم بها أناسًا‏.‏

ثم بعد ذلك وصلت رسل الروم في البحر إلى ساحل القدس بتقادم للعزيز ودخلوا مصر يطلبون الصلح فأجابهم العزيز واشترط شروطًا شديدة التزموا بها كلها منها‏:‏ أنهم يحلفون أنه لا يبقى في مملكتهم أسير إلا أطلقوه وأن يخطب للعزيز في جامع قسطنطينية كل جمعة وأن يحمل إليه من أمتعة الروم كل ما افترضه عليهم ثم ردهم بعقد الهدنة سبع سنين‏.‏

وفيها توفيت ستيتة وقيل آمنة بنت القاضي أبي عبد الله الحسين المحاملي وأم القاضي أبي الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي كنيتها أمة الواحد‏.‏

كانت فاضلة من أعلم الناس وأحفظهم لفقه الشافعي وتقرأ القراءات والفرائض والنحو وغير ذلك من العلوم مع الزهد والعبادة أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشره ذراعًا وعشر أصابع‏.‏

السنة الثالثة عشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة‏.‏

فيها في المحرم أمر شرف الدولة بأن ترصد الكواكب السبعة في مسيرها وتنقلها في بروجها على مثال ما كان المأمون يفعل وتولى ذلك ابن رستم الكوهي وكان له علم بالهيئة والهندسة وبنى بيتًا في دار المملكة بسبب ذلك في آخر البستان وأقام الرصد لليلتين بقيتا من صفر‏.‏

وفيها كثرت العواصف وهبت ريح بفم الصلح عظيمة جرفت دجلة من غربيها إلى شرقيها فأهلكت خلقًا كثيرًا وغرقت كثيرًا من السفن الكبار‏.‏

وفيها بدأ المرض بشرف الدولة ولحقه سوء مزاج‏.‏

وفيها لحق الناس بالبصرة حر عظيم في نيف وعشرين يومًا من تموز وهو أبيب بالقبطي فكان الناس يتساقطون موتى بالعراق في الشوارع‏.‏

وفيها ولى العزيز صاحب مصر على دمشق منيرًا الخادم وعزل عنها بكتكين التركي لأنه كان وفيها توفي أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد العلوي الدمشقي ويعرف بالعقيقي صاحب الدار المشهورة بدمشق وكان من وجوه الأشراف جوادًا ممدحًا مات بدمشق في جمادى الأولى‏.‏

وفيها توفي الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل أبو سعيد السجزي القاضي الحنفي وقيل‏:‏ اسمه محمد والخليل لقب له ويعرف أيضًا بابن جنك‏.‏

كان شيخ أهل الرأي في عصره وكان مع كثرة علمه أحسن الناس كلامًا في الوعظ والتذكير وكان صاحب فنون من العلوم وطاف الدنيا شرقًا وغربًا وسمع الحديث وكان شاعرًا فصيحًا مات قاضيًا بسمرقند في جمادى الآخرة ورثاه أبو بكر الخوارزمي‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن علي بن محمد أبو نصر السراج الصوفي الطوسي كان من كبار مشايخ طوس وزهادهم مات بنيسابور في شهر رجب وهو ساجد‏.‏

ومن شعره‏:‏ ما ناصحتك خبايا الود من أحد ما لم تنلك بمكروه من العذل مودتي فيك تأبى أن تسامحني بأن أراك على شيء من الزلل وفيها توفي محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق أبو أحمد الحافظ النيسابوري الكرابيسي الحاكم الكبير إمام عصره صاحب التصانيف سمع الكثير وروى عنه خلق كثيرة وصنف على كتابي البخاري ومسلم وعلى جامع أبي عيسى الترمذي وصنف كتابي الأسماء والكنى والعلل والمخرج على كتاب المزني وغير ذلك وولي القضاء بمدن كثيرة ومات في شهر ربيع الأول عن ثلاث وتسعين سنة‏.‏

وفيها توفي أبو القاسم بن الجلاب المالكي وقيل اسمه عبد الرحمن بن عبيد الله وسماه القاضي عياض‏:‏ محمد بن الحسين تفقه بالقاضي أبي بكر محمد الأبهري وصنف كتابًا جليلًا في مسائل الخلاف وكتاب التفريع في مذهبه وكان أحفظ أصحاب الأبهري‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏

السنة الرابعة عشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة تسع وسبعين وثلاثمائة‏.‏

فيها مات شرف الدولة شيرزيل بن عضد الدولة بويه وقيل‏:‏ فناخسرو ابن ركن الدولة الحسن بن بويه الديلمي بعد أن عهد بالملك إلى أخيه أبي نصر‏.‏

وجاء الطائع الخليفة لأبي نصر وعزاه في أخيه شرف الدولة ثم ركب أبو نصر إلى دار الخليفة وحضر الأعيان‏.‏

وخلع الخليفة الطائع على أبي نصر المذكور سبع خلع أعلاها سوداء وعمامة سوداء وفي عنقه طوق كبير وفي يديه سواران ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف‏.‏

فلما حصل بين يدي الطائع قبل الأرض ثم أجلس على كرسي وقرأ أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان كاتب الخليفة عهده وقدم إلى الطائع لواءه فعقده ولقبه بهاء الدولة وضياء الملة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا الثالث من بني عضد الدولة بن بويه فإنه ولي بعد عضد الدولة صمصام الدولة ثم شرف الدولة ثم بهاء الدولة هذا‏.‏

وكان بهاء الدولة المذكور من رجال بني بويه‏.‏

وبلغ الأتراك بفارس ولايته فوثبوا وأخرجوا صمصام الدولة من معتقله وكان اعتقله أخوه شرف الدولة‏.‏

ولما خرج صمصام الدولة واستفحل أمره وقع بينه وبين الأتراك فتركوه وأقاموا ابن أخيه أبا علي ولقبوه شمس الدولة‏.‏

ووقع لهم أمور يطول شرحها‏.‏

وفيها توفي محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى أبو الحسين البزاز البغدادي الحافظ المشهور ولد سنة ست وثمانين ومائتين في المحرم ورحل وسمع الكثير وروى عنه خلائق كتب عنه الدارقطني‏.‏

وقد روينا مسنده الذي جمعه من حديث أبي حنيفة رضي الله عنه عن المسند المعمر الحاكم عبد الرحيم بن الفرات الحنفي‏.‏

أنبأنا ابن أبي عمر وغير واحد قالوا‏:‏ أنبأنا أبو الحسن بن البخاري أنبأنا الخشوعي أنبأنا ابن خسرو البلخي عن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي عن أبي محمد الفارسي عن ابن المظفر‏.‏

وقال محمد بن أبي الفوارس‏:‏ انتهى إليه علم الحديث مع الفقه والأمانة وحسن الخط‏.‏

وفيها توفي شرف الدولة شيرزيل بن عضد الدولة بويه بن ركن الدولة الحسن بن بويه بن فناخسرو الديلمي سلطان بغداد وابن سلطانها‏.‏

ظفر بأخيه صمصام الدولة بعد حروب وحبسه وملك العراق‏.‏

وكان حسن السيرة يميل إلى الخير وأزال المصادرات‏.‏

وكان مرضه بالاستسقاء وامتنع من الحمية فمات منه في جمادى الآخرة عن تسع وعشرين سنة وملك سنتين وثمانية أشهر‏.‏

وتولى السلطنة بعده أخوه أبو نصر بهاء الدولة حسب ما ذكرناه في أول هذه السنة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وتسع عشرة إصبعًا‏.‏

السنة الخامسة عشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة ثمانين وثلاثمائة‏.‏

فيها قلد أبو أحمد الحسين بن موسى الموسوي العلوي نقابة الطالبيين والنظر في المظالم وإمرة الحاج وكتب عهده على جميع ذلك واستخلف ولديه المرتضى والرضي على النقابة وخلع عليهما من دار الخلافة ببغداد‏.‏

وفيها تغير بهاء الدولة على الخليفة الطائع لله عبد الكريم حتى نكبه في السنة الآتية‏.‏

وفيها حج بالناس أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله نيابة عن الشريف أبي أحمد الموسوي‏.‏

وفيها توفي حمزة بن أحمد بن الحسين الشريف أبو الحسن العلوي الدمشقي كان جوادًا رئيسًا يسكن بباب الفراديس‏.‏

ولما قرىء نسب خلفاء مصر الفاطميين على منبر دمشق استهزأ بهم ونال منهم فبعث ابن كلس وزير العزيز من قبض عليه وحبسه بالإسكندرية إلى أن مات بها‏.‏

وفيها توفي الوزير يعقوب بن يوسف بن كلس أبو الفرج وزير العزيز صاحب مصر‏.‏

كان يهوديًا من أهل بغداد ثم انتقل إلى الرملة وعمل سمسارًا فانكسر عليه مال فهرب إلى مصر‏.‏

وتاجر لكافور الإخشيذي فرأى منه فطنةً فقال‏:‏ لو أسلم لصلح للوزارة فأسلم فقصده الوزير يوم ذلك فهرب ابن كلس هذا إلى المغرب وترقى إلى أن وزره العزيز صاحب الترجمة سنة خمس وستين وثلاثمائة‏.‏

فاستقامت أمور العزيز بتدبيره إلى أن مات‏.‏

فلما أشرف على الموت عاده العزيز وغمه أمره‏.‏

فقال له العزيز‏:‏ وددت أنك تباع فأشتريك بملكي أو تفتدى فأفديك بولدي فهل من حاجة توصي بها فبكى ابن كلس وقبل يده وجعلها على عينيه ثم أوصى العزيز بوصايا ومات‏.‏

فصلى عليه العزيز وألحده في قبره بيده في قبة في دار العزيز كان بناها العزيز لنفسه وأغلق الدواوين بعده أيامًا‏.‏

وقيل‏:‏ إنه كان حسن إسلامه وقرأ القرآن والنحو وكان يجمع العلماء والفضلاء‏.‏

ولما مات خفف شيئًا كثيرًا‏.‏

وقيل‏:‏ إنه كفن وحنط بما قيمته عشرة آلاف دينار قاله الذهبي وغيره من المؤرخين ورثاه مائة شاعر‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو القاسم طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى بن مفرج القرطبي قاضي الجماعة ووزير مصر يعقوب بن يوسف بن كلس وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن صبر الحنفي المعتزلي‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وعشرون إصبعًا‏.‏

وهي سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة‏.‏

فيها خلع الخليفة الطائع عبد الكريم في تاسع عشر شعبان وتولى القادر الخلافة‏.‏

وسببه أن أبا الحسين بن المعلم كان من خواص بهاء الدولة فحبسه الطائع وجاء بهاء الدولة إلى دار الخلافة وقد جلس الطائع متقلدًا سيفًا‏.‏

فلما قرب بهاء الدولة قبل الأرض وجلس على كرسي وتقدم أصحابه فجذبوا الطائع بحمائل سيفه وتكاثروا عليه ولفوه في كساء وحمل في زبزب في الدجلة وأصعد إلى دار الملك‏.‏

وارتج البلد وظن أكثر الناس أن القبض على بهاء الدولة ونهبت دار الخلافة وماج الناس إلى أن نودي بخلافة القادر‏.‏

وكتب على الطائع كتاب بخلع نفسه وأنه سلم الأمر إلى القادر بالله فتشغبت الجند يطلبون رسم البيعة وترددت الرسل بينهم وبين بهاء الدولة أو منعوا الخطبة باسم القادر ثم أرضوهم وسكنوا وأقيمت الخطبة للقادر في الجمعة الآتية‏.‏

والقادر هذا ابن عم الطائع المخلوع عن الخلافة به‏.‏

واسمه أحمد وكنيته أبو العباس ابن الأمير إسحاق ابن الخليفة جعفر المقتدر‏.‏

والطائع الذي خلع اسمه عبد الكريم وكنيته أبو بكر ابن الخليفة المطيع الفضل ابن الخليفة جعفر المقتدر المذكور حبس وأقام سنين بعد ذلك إلى أن مات على ما سيأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى‏.‏

وفيها حج بالناس أبو الحسن محمد بن الحسن بن يحيى العلوي الشريف أمير الحج وكذلك حج بالناس عدة سنين‏.‏

وفيها توفي أحمد بن الحسين بن مهران أبو بكر النيسابوري المقرىء العابد مصنف كتاب الغاية في القراءات‏.‏

قال الحاكم‏:‏ كان إمام عصره في القراءات وكان أعبد من رأينا من القراء وكان مجاب الدعوة‏.‏

مات في شوال وله ست وثمانون سنة‏.‏

وفيها توفي أحمد بن محمد بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الجراح أبو بكر الخزاز كان أديبًا فاضلًا فارسًا شجاعًا‏.‏

وفيها توفي بكجور التركي ولي إمرة دمشق لأستاذه العزيز صاحب الترجمة نقل إليها من ولاية حمص‏.‏

وكان ظالمًا جبارًا ساءت سيرته في ولايته‏.‏

ولما كثر ظلمه عزله العزيز صاحب مصر وولى مكانه منيرًا الخادم سنة ثمانٍ وسبعين‏.‏

فلم يسلم بكجور المذكور البلد إلا بعد قتال وتوجه إلى جهة حلب ثم قتل بمكان يقال له الناعورة‏.‏

وكان أصل بكجور المذكور من موالي سعد الدولة بن سيف الدولة بن حمدان‏.‏

فيها توفي سعد الدولة أبو المعالي شريف بن سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي الأمير صاحب حلب وابن صاحبها في شهر رمضان‏.‏

وعهد إلى ولده أبي الفضائل ووصى لؤلؤًا الكبير به وبولده الآخر أبي الهيجاء‏.‏

ووقع بينهم وبين العزيز صاحب مصر وقائع وحروب ذكرناها في أول ترجمة العزيز هذا وما وقع له معهم إلى أن مات العزيز‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن أحمد بن حمويه بن يوسف بن أعين أبو محمد السرخسي مولده في سنة ثلاث وتسعين ومائتين‏.‏

قال أبو ذر‏:‏ قرأت عليه‏.‏

وهو صاحب أصولٍ حسان‏.‏

وفيها توفي عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو الفضل الزهري العوفي هو إمام مسند كبير القدر‏.‏

قال أبو بكر الخطيب‏:‏ كان ثقة‏.‏

ولد سنة تسعين ومائتين‏.‏

وفيها توفي محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان الحافظ أبو بكر بن المقرىء مسند أصبهان طاف البلاد وسمع الكثير وروى عنه خلق‏.‏

قال ابن مردويه‏:‏ هو ثقة مأمون صاحب أصول مات في شوال وله ست وتسعون سنة‏.‏

وفيها توفي عبيد الله بن أحمد بن معروف أبو محمد القاضي ولي القضاء من الجانبين ببغداد وكانت له منزلة عالية من الخلفاء والملوك خصوصًا من الطائع وكان من العلماء الثقات الفضلاء العقلاء‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وثلاث وعشرون إصبعًا‏.‏

السنة السابعة عشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة‏.‏

فيها منع أبو الحسين علي بن محمد بن المعلم الكوكبي صاحب أمر بغداد الرافضة من أهل الكرخ وباب الطاق من النوح في يوم عاشوراء ومن تعليق المسوح وكان ذلك يعمل من نحو ثلاثين سنة‏.‏

وفيها جلس الخليفة القادر بالتاج وحضر القضاة والأشراف والأعيان وأحضر رسول صاحب المولتان فذكر الرسول رغبة مرسله في الإسلام والدخول فيه برعيته وسأل أن ينفذ إليه الخليفة من يعلمهم السنن والفرائض والشرائع والحدود فكتب على يده كتابًا ووعد بكل جميل وسر الناس بذلك غاية السرور وفيها شغب الديلم والترك والجند على بهاء الدولة وطلبوا منه تسليم أبي الحسين بن المعلم وكان ابن المعلم قد استولى على بهاء الدولة وحكم عليه وقصر في حق الجند فامتنع بهاء الدولة من تسليمه ثم غلب وسلمه لخاله شيرزيل فسقاه السم مرتين فلم يعمل فيه فخنقه بحبل الستارة حتى مات ودفنه‏.‏

وفيها غلت الأسعار ببغداد فبيع رطل الخبز بأربعين درهمًا والجوزة بدرهم‏.‏

وفيها حج بالناس محمد بن الحسن العلوي‏.‏

وفيها توفي أحمد بن علي بن عمر أبو الحسين الحريري‏.‏

ولد سنة اثنتين وثلاثمائة وهو غير صاحب المقامات‏.‏

أخرج له الخطيب حديثًا من حديث أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يقول الله تعالى‏:‏ ‏"‏ أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما ‏"‏‏.‏

ومات أبو الحسين في شهر رمضان‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب أبو سعيد الرازي القرشي الصوفي نزيل نيسابور كان كالريحانة بين الصوفية سيدًا ثقة‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري في ذي الحجة وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد بن يعقوب النسائي الشافعي راوي مسند الحسن بن سفيان عنه وأبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي وله أربع وتسعون سنة وأبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز في شهر ربيع الآخر أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وثماني عشرة إصبعًا‏.‏

السنة الثامنة عشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة‏.‏

فيها تزوج الخليفة القادر بالله سكينة بنت بهاء الدولة على صداق مائة ألف دينار فماتت قبل الدخول بها‏.‏

وفيها عظم الغلاء حتى بلغ ثمن كر القمح ببغداد ستة آلاف درهم وستمائة درهم غياثي والكارة الدقيق مائتين وستين درهمًا‏.‏

وفيها ابتنى الوزير أبو نصر سابور بن أردشير دارًا بالكرخ سماها دار العلم ووقفها على العلماء ونقل إليها كتبًا كثيرة‏.‏

وفيها توفي أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان الحافظ أبو بكر البزاز ولد في شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين ومائتين ومات في شوال ببغداد‏.‏

وكان ثبتًا ثقةً صاحب أصول‏.‏

قيل له‏:‏ وفيها توفي جعفر بن عبد الله بن يعقوب أبو القاسم الرازي‏.‏

روى عن محمد بن هارون الروياني مسنده وسمع عبد الرحمن بن أبي حاتم وجماعة‏.‏

قال أبو يعلى الخليلي‏:‏ موصوف بالعدالة وحسن الديانة وهو آخر من روى عن الروياني‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب أبو محمد المقرىء الدمشقي المفسر العدل إمام مسجد عطية داخل باب الجابية‏.‏

كان يحفظ خمسين ألف بيت من شعر العرب في الاستشهادات على معاني القرآن واللغة‏.‏

مات بدمشق في شوال‏.‏

ومن شعره قوله‏:‏ احذر مودة ماذق مزج المرارة بالحلاوه يحصي الذنوب عليك أي - - ام الصداقة للعداوه وفيها توفي عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم أبو محمد الأندلسي القلعي من أهل قلعة أيوب‏.‏

رحل إلى مصر والشام والعراق سنة خمسين وثلاثمائة وسمع الكثير وعاد إلى الأندلس وصنف الكتب‏.‏

وكانوا يشبهونه بسفيان الثوري في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏

ومات في شهر ربيع الآخر وله ثلاث وستون سنة‏.‏

وفيها توفي محمد بن صالح بن محمد بن سعد أبو عبد الله الأندلسي الفقيه المالكي سمع بمصر والشام والجزيرة وبغداد ثم أقام ببخارى حتى مات بها في شهر رجب‏.‏

وكان فاضلًا أديبًا ودعت قلبي ساعة التوديع وأطعت قلبي وهو غير مطيعي إن لم أشيعهم فقد شيعتهم بمشيعين‏:‏ حشاشتي ودموعي وفيها توفي نصر بن محمد بن أحمد بن يعقوب أبو الفضل الطوسي العطار الصوفي الحافظ أحد أركان الحديث بخراسان مع الدين والزهد والسخاء والعفة‏.‏

وقد سافر إلى العراق ومصر والشام والحجاز وجمع من الحديث ما لم يجمعه أحد وصنف الكتب‏.‏

ومات وهو ابن ثلاث وسبعين سنة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وثماني عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وإحدى وعشرون إصبعًا‏.‏

السنة التاسعة عشرة من ولاية العزيز نزار وهي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة‏.‏

فيها تزوج مهذب الدولة علي بن نصر ببنت بهاء الدولة بن بويه وعقد أيضًا للأمير أبي منصور بن بهاء الدولة على بنت مهذب الدولة كل صداق مائة ألف دينار‏.‏

وفيها سار صمصام الدولة بن عضد الدولة من شيراز يريد الأهواز فخرج بهاء الدولة من بغداد ونزل واسطًا وأرسل جيشًا لقتال صمصام الدولة بن بويه فالتقوا مع صمصام الدولة وانتصروا عليه‏.‏

وفيها عزل الشريف أبو أحمد الموسوي عن نقابة الطالبيين وصرف ولداه الرضي والمرتضى عن النيابة عنه وتولى عوضه الشريف الزينبي‏.‏

وفيها رجع الحاج إلى بغداد ولم يحج أحد من العراق خوفًا من القرامطة‏.‏

وفيها توفي إبراهيم بن هلال أبو إسحاق الصابىء صاحب الرسائل كان فاضلًا شاعرًا نكب غير مرة بسبب رسائله‏.‏

ومولده في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة ومات في هذه السنة ودفن بالشونيزية‏.‏

ورثاه الشريف الرضي الموسوي بقصيدته الدالية التي أولها‏:‏ أرأيت من حملوا على الأعواد أرأيت كيف خبا ضياء النادي وعاتبه الناس في ذلك لكونه شريفًا ورثى صابئًا فقال‏:‏ إنما رثيت فضله‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ وجهد فيه عز الدولة أن يسلم فلم يفعل‏.‏

وكان يصوم شهر رمضان مع المسلمين ويحفظ القرآن الكريم أحسن حفظ‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد بن نافع بن مكرم أبو العباس البستي الزاهد كان ورث من آبائه أموالًا عظيمة أنفقها على الفقهاء والفقراء أقام سبعين سنة لا يستند إلى جدار ولا إلى غيره ومات في المحرم‏.‏

وفيها توفي علي بن عيسى بن علي الإمام أبو الحسن الرماني النحوي‏.‏

مولده سنة ست وتسعين ومائتين وبرع في علم النحو واللغة والأصول والتفسير وغيرها‏.‏

وله كتاب التفسير الكبير وهو كثير الفوائد إلا أنه صرح فيه بالاعتزال وسلك الزمخشري سبيله وزاد عليه‏.‏

مات ببغداد ودفن بالشونيزية‏.‏

وفيها توفي محمد بن العباس بن أحمد بن محمد الحافظ أبو الحسن بن الفرات‏.‏

ولد سنة تسع عشرة وثلاثمائة وكتب الكثير وجمع ما لم يجمعه أحد من أقرانه وكان عنده عن علي بن محمد المصري وحده ألف جزء وكتب مائة تفسير ومائة تاريخ وخفف ثمانية عشر صندوقًا مملوءة كتبًا غير ما سرق منه وأكثرها بخطه‏.‏

وكانت له جارية تعارض معه بما يكتبه‏.‏

ومات ببغداد في شوال وكان مأمونًا ثقة‏.‏

انتهى كلام صاحب مرآة الزمان‏.‏

وفيها توفي محمد بن عمران بن موسى بن عبيد الله أبو عبد الله الكاتب المرزباني كان صاحب أخبار وروايات للآداب وصنف كتبًا في فنون العلوم‏.‏

وكان أبو علي الفارسي يقول عنه‏:‏ هو من محاسن الدنيا‏.‏

وفيها توفى المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم القاضي أبو علي التنوخي مصنف كتاب الفرج بعد الشدة‏.‏

مولده سنة سبع وعشرين وثلاثمائة بالبصرة‏.‏

وكان أديبًا شاعرًا‏.‏

تقلد القضاء بسر من رأى ومات ببغداد في المحرم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع واثنتان وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وسبع أصابع‏.‏